يا ترى هل نحن نتغافل أم نتعامى عن النصوص القرآنية ونصوص السنة النبوية عندما نطالعها ونفتش معانيها في سطور القرآن المجيد والسنة النبوية الحميدة؟ لماذا لا نقف عند الآيات والأحاديث لتدبر معانيها ومراميها؟ ولماذا لا نقيِّم مدلول النصوص حق التقييم والتفكير ثم التطبيق والتنفيذ؟ أم نحن على قلوب أقفالها؟ كما قال الله تعالى في كتابه العزيز (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها؟)، أم نحن ممن يؤمنون ببعض الكتاب ويتغاضون عن بعضه الآخر؟ مثلما قال الله تعالى في محكم تنزيله (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض)؟!! بمعنى أننا نقرأ النصوص القرآنية والأحادث النبوية ونفهمها بل ونتدبرها، لكننا نأخذ منها ما يوافق مصلحتنا ونتغاضى عما يخالف هوانا، ومن ذلك نكون مؤمنين ببعض الكتاب وناكرين بالبعض الآخر؟!
بل أين نحن من تطبيق معنى قول الله تعالى: (قل لاأسألكم عليه أجرا إلا الودة في القربى...)؟ وكذلك قوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)، وما تبعها من حديث الكساء الذي هو تطبيق عملي لنص الآية الكريمة، وذلك عندما ضم الرسول محمد عليه وعلى آله الصلاة والسلام تحت كساءه الشريف هذه المجموعة المختارة النقية الطاهرة .. عليا المرتضى، وفاطمة الزهراء، والحسن المجتبى، وأبو عبد الله الحسين رضوان الله عليهم أجمعين؟!!
تعالوا -يا أعزائي- وانظروا بل وتمعنوا معي معنى حديث الثقلين المشهور فيما أخرجه الترمذي عن زيد بن أرقم: ((إنِّي تاركٌ فيكم ما إن تمسَّكتُم به لن تضلُّوا بعدي - أحدُهما أعظمُ من الآخَر -:كتاب الله، حبْلٌ ممدودٌ من السَّماء إلى الأرض، وعِترتي أهل بيتي، ولن يتفرَّقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ، فانظروا كيف تَخلُفوني فيهما))، أليس في هذا الحديث إشارة واضحة لأهمية الكتاب وآل البيت رضوان الله عليهم في هذه الأمة .. أمة محمد صلى الله عليه وآله، وذلك عندما نرى كيف ربط النبي العلاقة بين القرآن وآل البيت، تعالوا مرة أخرى لنسأل أنفسنا من جديد قائلين: يا ترى ما سر ربط النبي عليه وعلى آله الصلاة والسلام العلاقة بين القرآن وآل البيت في سياق الوصية؟ علما بأن الرسول هو موصوف من قبل الرحمن أنه: (وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى)!!!
وأنا لا أشك في أنكم ستستخرجون معي من هذا التلازم العجيب بين الكتاب وآل البيت في سياق الحديث السابق هذه النتيجة وهي أن الكتاب هو منهج الأمة وأن آل البيت أبناء فاطمة الزهراء هم قادة الأمة، وبهذا يكون التلازم بينهما كتلازم الدستور وهيئة التنفيذ في عالم الدول والسلطات!!! ولهذا نستطيع القول بأننا إذا قمنا بتطبيق هذه النتيجة في مجتمعاتنا الحائرة اليوم، لاشك أننا سنتعافى مما نعانيه اليوم من الكراهية والعنف المتبادل بيننا والحيرة التي غرقنا في عمقها!
وفي هذا السياق ينبغي لنا أن نسأل الأمة المحمدية جمعاء ونحن منهم، خصوصا في هذا الظرف العصيب االذي تعاني فيه من تشتت وتناحر وتكفير ثم تقتيل وتقطيع، ونقول لهم: أين الكتاب (القرآن الكريم)، والعترة (آل بيت محمد)؟؟ !!
لماذا لانواجه الحقيقة عندما نريد حل مشاكلنا أو نريد تحصيل حل ناجح وناجع لما حل بنا من الفرقة والتشتت والتعصب القبلي والطائفي و والمذهبي وما نتج عن ذلك من الحروب الأهلية والرجوع إلى أفعال الجاهلية الأولى في زمن تقدمت فيه الأمم إقتصاديا واجتماعيا وسياسيا!!!
إن الجرأة والبسالة تقتضي أن نقف مع أنفسنا ولو ساعة من الزمن لنسألها -باحثين الحل الجذري الحقيقي بعيدا عن المصالح الآنية والأنانية البغيضة- أين نحن؟، ولا شك أن النفس -في سياق الرد على السؤال- تشير لنا بلسان حالها قائلة: بل أين أنتم من (الكتاب وآل بيت محمد)؟؟؟!!!
لاشك أن أمة تستهين وصية نبيها أو تتغافل عنها ستغرق في بحور الحيرة والهلاك والبور، وأختتم بقول الله تعالى: (قل أرأيتم إن أصبح ماءكم غورا، فمن يأتيكم بماء معين؟!)
عبد الله الشريف الجيلاني الحسني