[color="blue"شقاوة الصغير...!
قصة حصلت منذ أكثر من سبعين عام
.
كنت في العاشرة تقريباً , ومن بين المعلومات التي حفظتها من المدرسة أن الرصاص سهل الذوبان والتشكل , وأثناء عودتي من مدرستي (الملك الظاهر) اشتريت بضع أحرف من الرصاص من مطبعة قرب البزورية , وهي أحرف كبيرة وقليل استعمالها , باعوها لي بثمن بخس , فتحينت فرصة خلو الدار من الأهل لأجرب بنفسي كيف يذوب الرصاص , أشعلت (ببور الكاز) ووضعت بضعة أحرف رصاصية في غطاء معدني لعلبة بويا قديمة وأحضرت (بينسة) لأمسك الغطاء الحار به.
سار الأمر كما خططت له , وبدأ معدن الرصاص (يسيح) كما تسيح السمنة في مقلاة البيض , وككل البيوت العربية توجد في أرض الديار بحرة , سكبت الرصاص المذاب في ماء البحرة فغاص المعدن السائل ...لكن ليشكل منظراً غريباً أعجبني , فكررت التجربة عدة مرات .
ولكن خطر ببالي لمَ لا أسكب الرصاص على الرخامة فاحصل على شكل مبسط وليس عشوائي , فسكبت القليل من الماء على الرخامة , ثم كررت إذابة الرصاص وسكبته على الرخامة , ولكن يا للمفاجأة فقد تطاير الرصاص لدى ملامسته سطح الماء , وأصاب قسم منه ظاهر مشط قدمي , تصوروا طفل في العاشرة لوحده في المنزل ورصاص مذاب على قدمه , صرخت من الألم ولكن لا مجيب , فقفزت أنط على رجل واحدة خارج المنزل إلى الحارة , والألم يعتصر قلبي , والرصاص المذاب يخترق لحمي , فصادفت جارتنا (مهيبة البابا) وهي خياطة , فكانت هي من أسعفتني , ولكن بقي إلى اليوم أثر في قلبي قبل رجلي , رحم الله أبي وأمي , ورحم من غادر من إخوتي , ورحم جارتنا مهيبة لا أنسى فضلها فقد انقذتني مما ورطت به نفسي.
م.أ.هـ][/color]